الأحد، 16 أغسطس 2015

النفس والعقل لدى الفارابي - الفارابي


مقدمة 


لقد ظهر العديد من الفلاسفة بآراهم عبر الأزمنة .. ومن المعروف أن المذهب الذي يرسمه الفيلسوف إنما هو مذهب يؤمن الفيلسوف كل الإيمان بأن من الممكن تحقيقه ..

ولمحاولة فهم آراء الفارابي الفلسلفية رأيت أن أستعين ببعض كتب الفاربي آلا وهي ( آراء أهل المدينة الفاضلة ) و ( رسالة العقل ) و(             ) و (             )

ومن الأفضل ان ألقي نظرة بسيطة على هذه الكتب قبل أن أتطرق للآراء الفلسفية
" آراء أهل المدينة الفاضلة "

أشهر كتب الفاربي والجميع سمع به .. وهذا الكتاب ينقسم إلى قسمين قسم فلسلفي وقسم سياسي واجتماعي .. فالقسم الأول ما كان إلا تميهدا للفصل الثاني والقسم الأول مقسم إلى ثلاثة أجزاء ما يهمنا هو الجزء الثالث لاتصاله بعلم النفس
رسال العقل

ومن هذا الكتاب نجد أن الفاربي أهتم كثيرا بالعقل والمدهش أن كثيراً مما ورد في هذا الكتاب اثبتت صحته في علم النفس ..
وأخيرا تم الرجوع لمقتطفات من كتاب التنبيه على سبيل السعادة لزيادة الربط بين الفاربي وفلسفته ..

  
النفس :
إن النفي لدى الفارابي هي كمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة .. وهي عند الفارابي جوهر روحاني قائم بذاته وهي جوهر الإنسان وليست عرضا من أعراض الجسم فالإنسان في نظره مكون من عنصرين : أحدهما النفس وهي جوهر روحاني من عالم الأمر والمقصود بعالم الأمر هو العالم الالهي .. والآخر البدن وهو من عالم الخلق أو العالم المادي والنفس عند الفارابي توجد لدى الإنسان والحيولن وللنبات وللكواكب وللسماء وللعالم وتختلف كل نفس عن الأخرى .

قوى النفس :
والنفس عند الفارابي لها قوى وهي :
1-    القوى الغاذية :
وهذه القوة هي التي بها يتغذى وينمو ويتوالد وقوتها الرئيسية في الفم ولها رواضع وخدم وآلات هي المعدة والكبد والطحال وغير ذلك من الأعضاء ( المسير ،1989)
2-    القوة الحاسة :
وبها يتم ادراك المحسوسات بالحواس الخمس المعروفة وكل حاسة تختص بجانب معين من الإحساس آي أن آلاتها هي الحواس الخمس المشهورة السمع والبصر والتذوق والشم واللمس .
3-    القوة المتخيلة :
وهي واحدة وعملها حفظ ما رسم في النفس من المحسوسات بعد غيابها عن الحس ، كما أنها تقوم بتخيل الشئ الذي مضى ةالشئ الذي يتوقع في المستقبل .وبمعنى آخر
القوة المتخيلة تحفظ المحسوسات بعد غيبها عن الحس وهي حاكمة عليها ، تركب بعضها وتفصل بعضها عن بعض في تركيبات وتفصيلات مختلفة بعضها كاذب وبعضها صادق ولي لها آلات ( المسير، 1989 )
4-    القوة الناطقة :
وهي توجد عند الإنسان فقط وبها يعقل المعقولات ويميز بين الغث والثمين والجميل والقبيح من الأفعال والأخلاق والقوى الناطقة تكون على أنحاء عديدة :
·       النظرية حيث يحوز بها الإنسان المعرفة النظرية .وهي القمة العليا وبها يتوصل إلى السعادة
·  العملية حيث يحوز بها الإنسان الصناعات والحروف المرورية حيث يكون بها الفكر والروية فيما ينبغي أن يعمل أو لا يعمل .وتتمثل في الأفعال الجميلة
·       النوزعية حيث يكون بها نزوع الإنسان بأن يطلب الشئ أو يهرب منه ويشتاق إليه أو يكرهه
5-    القوة النزوعية :
هي التي تساق إلى الشئ وتكرهه ، وهي التي يكون بها الإرادة ، فإن الإرادة نزوع إلى ما أدرك إما بالحس ، وإما بالتخيل ، وإما بالقوة الناطقة وآلات هذه القوة في اليدين والرجلين وسائل الأعضاء التي يمكن أن تتحرك بالإرادة . ( المسير، 1989 )
وسائر هذه القوة رئاستها في القلب ينبوع الحرارة الغريزية ومنه تنبت في جميع الاعضاء عن طريق الدماغ الذي يعدل الحرارة حتى يكون ما يصل إلى كل عضو من الحرارة معتدلا ملائما له ( المسير، 1989 )
إذن محل هذه القوى الرئيسية للنفس هو القلب وهذه القوى ليست مستوية في الرتبة وإنما هي درجات بعضها فوق بعض ..

ولاعلاقة بين هذه القوى يحددها الفاربي بقوله :
( فالغاذية الرئيسية شبه مادة للقوى الحاسة الرئيسية والحاسة صورة في الغاذية ، والحاسة الرئيسية شبه مادة للمتخيلة ، والمتخيلة صورة في الحاسة الرئيسية ، والمتخيلة الرئيسية مادة للناطقة الرئيسية ، والناطقة صورة في المتخيلة وليست مادة لقوى أخرى ، فهي صورة لكل صورة تقدمتها وأما النزوعية فإنها تابعة للحاسة الرئيسية والمتخيلة والناطقة على جهة ما توجد الحرارة في النار تابعة لما تتجوهر به النار )

ففي هذه القوى نلاحظ أن أرفعها الناطقة ولها المهام التي حددننا قبل عملية ونظرية
ويمكن توضيح رأي الفاربي في تصنيف القوى النفسية وإعادة عرضه بالصورة التالية :
أولا : النفس النباتية :
ولها ثلاث قوى هي القوة الغاذية التي تقوم بوظيفة التغذية والقوة المربية وهي التي تقوم بوظيفة النمو والقوة الملودة التي تقوم بوظيفة التوليد وهذه القوى الثلاث موجودة لدى الإنسان والحيوان والنبات .
ثانيا: النفس الحيوانية :
ولها قوتان القوة المدركة وهي تنقسم إلى :
قوى حساسة تعتمد على الحواس الخمسة وهي القوة المدركة من الخارج .
قوى حساسة تعتمد على الحس المشترك أو الحس الباطني وهو المركز الذي تجتمع فيه صور المحسوسات الواردة من الحواس الخمس وإن كان حقيقية الإدراك هو للنفس في مجموعها .
القوة المتخيلة :
وهي التي تركب صور المحسوسات بعضها إلى بعض أو تفصلها بعضها عن بعض .
الوهم :
القوة التي تدرك المعاني غير المحسوسة التي توجد في المدركات .
الذاكرة :
القوة التي تحفظ المعاني التي يدركها الوهم .
القوة المحركة :
وهي القوة التي تبعث في العضلات والأعصاب بحيث تدفع إلى القيام بالحركات اللازمة لتحقيق ما ينبغي عمله وهي تنقسم قسمين :
قوة شهوانية حيث تنتزع إلى الحصول على ما يشتهي من اللاذ والمفيد والضروري
قوة قوة غضبية حتى تنزع إلى تجنب كل ما هو ضار أو مكروه .
ثالثا: النفس الناطقة :
وهي تنقسم إلى قسمين :
العقل العملي : وهو يستنبط ما يجب فعله من أعمال وسلوكيات
العقل النظري أو العلمي : وهو يدرك المعقولان وله مراتب هي العقل الهيولاني ، والعقل بالفعل ، والعقل المستفاد وسوف نتكلم عنها في فقرة لاحقة.

قد حاول الفارابي أن يقدك أسلوبا جديدا لتصنيف العلوم في رسالته " ما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة " فميز بين العلوم التي تبحث في الشئ العام لجميع الموجودات كالعلم الإلهي أو علم ما وراء الطبيعة وبين العلمو الجزئية التي تختص ببعض الموجودات مثل علم الطبيعة والهندسة والحساب والطب( العثمان ، )
الدراسات النفسية عند المسلمين " والغزالي بوجه خاص " ... عبد الكريم العثمان ، مكتبة وهبه
تأثر أكثر فلاسفة الإسلام بتعريف أسطو للنفس أنه كان أول فيلسوف يوناني يقدم تعريفا محددا واضحا ولا يتعارض مع الدين يرى أرسطو أن النفس " كمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة ويعتمد على نظريته في الطبيعة وهي تفرق بين مادة الشئ وصورته وعلى تصوره للعالم والحركة فيه ..
ونرى أن الفارابي قد استعمل تعريف أرسطو ولكنه لا يؤيده في أن البدن جزء من تعريف النفس أو أنها منطبعة فيه ( فالروح الذي للإنسان هو جوهر من عالم الأمر لا يتشكل بصورة ، ولا يتخلق بخلقه ، ولا يتعين بإشارة ، ولا يتردد بين سكون وحركة فلذلك يدرك المعدوم الذي فات ، والمنتظر الذي هو آت ) الفارابي ، فصوص الحكم ص
والنفس العاقلة هي جوهر الإنسان عند التحقيق لأنها مكونة من عالمين عالم الأمر وعالم الحس.
وهكذا يأخذ الفاربي بتعريف أرسطو بأن النفس صورة وكمال ولكنه يعطي الصورة معنى الجوهرية المختلفة في طبيعتها عن الجسم ، متابعا أفلاطون وأفلوطين الذي عرفه فلاسفة الإسلام عن طريق أثولوجيا أرسطو

وحدة النفس :
وقد كان الفارابي أرسطيا حين نص على أن لكل جسم نفس واحدة وأن لكل نفس عدة قوى تفعل أفعالها بآلات جسمانية كما أن له زيادة على ذلك قوة تفعل بدون هذه الآلة الجسمانية وقد كتب فصلا عن النفس الواحدة والقوى المختلفة بحسب ترتيبها فهي تندرج في نظره من القوى الموكلة بالعمل إلى الموكلة بالإدراك وتشمل النباتية والحيوانية والإنسانية والقوة العاقلة من النفس يختص بالإنسان ويبدو أنه اعتمد على فكرة التدرج الأرسطية ليدعم نظريته في وحدة النفس
وحدة النفس والجسد :
حاول الفارابي أن يوفق كالعادة بين رأي أفلاطون وأرسطو ، فكانت النفس عنده كما رأينا صورة للجسم من جهة وجوهر غير جسمي من جهة أخرى ولكنه لم يستطع التخلص تماما من أثر أرسطو، إذ بقى للنفس أن تفعل بآلة جسدانية وبقى الجسد يشكل موضع النفس والموضوع الأول هو الروح الحيواني الكائن في القلب. وتبدو هذه الصلة بينهما فيما يقوله من أنه لولا القلب لما حصلت التغذية ولما كان نزوع إلى السماء ولولا الحواس ما حصلت الإحساسات وحتى أن النفس ذاتها لو لم يوجد الجسد متهيئا لقبولها ، لما وجدت والجسد أشبه بمدينة ذات نظام يقوم على كل قسم منه رئيس خاضع للرئيس الأعلى .

يقول الفارابي ان القوة الناطقة أفضل قوى النفس وهي التي تدرك الكلي وتستطيع أن تتصل بالعالم العلوي ص 146  مدكور
السعادة
كمال النفس وصاؤها بحيث تستطيع الاتصال بالعالم العوي فتقف على الغيب وتكتشف الخفي ، وتجاوز عالم الحس إلى عالم المشاهدة والبهجة الدائمة وهي عشق وشوق مستمر وما العشق الحقيقي إلا الابتهاج بتصور حضرة الحق وما الشوق إلا الرغبة الدائمة في كمال هذا  الابتهاج
فليس في الإسلام سعادة أكبر من التي يراها الإنسان في العالم الآخر " فأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها مادامت السموات والأرض " سورة 11 ، آية 108
( قول الفارابي في السعادة من كتاب آراء المدينة الفاضلة ص 47 من والسعدة هي حتى الخسائس
وواضح أنه ليس في مكنة الناس جميعا الصعود إلى مرتبة هذه السعادة ولا تبلغها على النفوس الطاهرة وقد قالافاربي في ذلك في كتابه الثمرة المرضية في بعض رسالات الفارابية : " الروح القدسية لا تشغلها جهة تحت عن جهة فوق ، ولا يستغرق الحس الظاهر حسها الباطن وقد يتعدى تأثيرها من بدنها إلى أجسام العالم وما فيه ، وتقبل المعلومات من الروح والملائكة بلا تعليم الناس . والارواح العامية الضعيفة إذا مالت إلى الباطن غابت عن الظاهر ، وإذا مالت إلى الظاهر غابت عن الباطن .. وإذا اجتمعت من الحس الباطن إلى قوة غابت عن الأخرى ، مثل البصر يخبل بالسمع ، والخوف يشغل عن الشهوة ، والشهوة تشغل عن الغضب ، والفكرة تصد عن الذكر ، والتذكر يصد عن التفكر ، أما الروح القدسية فلا يشغلها شأن عن شان "
فالروح القدسية تجاوز عالم الحس إلى عالم المشاهدة الحقيقية والبهجة الدائمة ص 42 مدكور ج 1 .
فنجد أن الفاربي شرح لنا المراتب التي يمربها السعادة والمرتبة الأولى في رأيه هي مرتبة الإرادة ، وتتلخص في شوق زائد ورغبة أكيدة في تنمية المعلومات واكتساب الحائق الخالدة فإن كانت 
الحس المشترك
يخلط الفارابي بين الحس المشترك وبين التصور وهو يشير إلى أنه في الحد المشترك بين الباطن والظاهر قوة ( تجمع ما تؤديه الحواس ، وعندها بالحقيقية الإحساس ، وعندها ترتسم صورة آلة تتحرك بالعملية فتبقى الصورة محفوظة فيها ) ص 279
الوهم
قد أشار الفاربي إلى ذلك بقوله : إن الوهم أو الحس الباطن لا يدرك المعنى صرفا بل خلطا ولكنه يشتبه بعد زوال المحسوس . فإن الوهم والتخيل أيضا لا يحضران في الباطان صورة إنسانية صرفة بل على نحو ما تحس من خارج / مخلوطة بزوائد وغواش من كم وكيف وأين ووضع . فإذا حاول أن يتخيل الإنسانية من حيث هي الإنسانية بلا زيادة أخرى لم يمكنه استبات الصورة الإنسانية المخلوطة المأخوذة عن الحس وإن الفارق المحسوس     ص 283

نجد أن الفارابي رد جميع المعارف التي تتخطى الظواهر إلى العقل ، ورتبه في أربع مراحل : أولها العقل الهيولاني ، وهو العقل في مرتبة الاستعداد للادراك ، وثانيها العقل المنفعل الذي يتلقى المؤثرات ، وينقاد إليها ، وثالثها العقل بالفعل ، وهو الخاص بالاستقراء العملي ن ورابعها العقل المستفاد ، الذي يجرد الحقائق من ملابساتها المادية أما النبوة فليست عنده سوى العقل المستفاد في أشد حالاته ارهافا ، بحيث تبدو الحقائق المتخيلة بالتجريد وكأنها ماثلة بصورة مادية ، وهو تعليلة للرؤى التي تتجلى لأنبياء ( اليازجي ، 1975،ص 81 )

مدينة الفاربي الفاضلة
عاش الفارابي في زمن كانت فيه السلطة المركزية قد تصدعت فقامت الاندلس خلافة مستقلة هي خلافة الأمويين وظهرت في مصر خلافة ثانية هي خلافة الفاطميين وانفردت في المشرق خلافة ثالثة هي خلافة العباسيين وهذه الخلافة كانت متفسخة اداريا وماليا وعسكريا وقد كان حنين المسلمين شديدا إلى الماضي السعيد فأتى الفاربي بالمدية الفاضلة لكنه يختلف عن أفلاطون عن أنه بنى تصميمه على التعاون العضوي في جسم الفرد لا على التحدي القائم بين قوى النفس الثلاث فأوجب توزيع الأعمال بحسب الكفاءات وفرض التعاون التام بين أرباب الأعمال ولقد كن في مخطط الفارابي أن يصلح مدن الدولة واحدة واحدة حتى يتم له إنشاء دولة فاضلة وأن يكرر ذلك في مدن أخرى حتى يتم إنشاء عالم فاضل ونجد الإختلاف بينه وبين أفلاطون بأن غاية أفلاطون تحقيق العدالة والسعادة في الدنيا وغاية الفاربي الظفر بسعادة الدنيا والفوز بنعيم الآخرة ( اليازجي ، 1975 ، ص 149 )
يقول الفارابي بأن القوة الناطقة أفضل قوى النفس وهي التي تدرك الكلي وتستطيع أن تتصل بالعالم العلوي ( مدكور ، ص 146 )

السعادة
كمال النفس وصفاؤها بحيث تستطيع الإتصال بالعالم العلوي فتقف على الغيب ةتكشف الخفى وتجاوز عالم الحس إلى عالم المشاهدة والبهجة الدائمة فهي عشق وشوق مستمر وما العشق الحقيقي إلا الابتهاج بتصور حضرة الحق وما الشوق إلا الرغبة الدائمة في كمال هذا الابتهاج ( مدكور ، 151 )

الهوية :
لو كانت ما هي الإنسان هويته لكان تصورك ماهية الإنسان تصورالهوية فكنت إذا تصورت ما الإنسان تصورت هوية الإنسان فعلمت وجوده ولكن كل تصور للماهية يستدعي تصديقا ( الفاربي ، 1396 ، ص 47 )
إن النفس المطمئنة كمالها عرفان الحق الأول بإدراكها فعرفان للحق الأول برتبة قدسه على ما يتجلى لها هو اللذة القصوى ( الفاربي ، 1396 ، ص 65 )
إن الروح الذي لك من جوهر عالم الأمر لا يتشكل بصورة ولا يتخلق بخلقه ولا يتعين بإشارة ولا يتردد بين حركة وسكون فلذلك يدرك المعدوم والمنتظر الذي هو آت ويسبح في عالم الملوك وينتقش من عالم الجبروت ( ص 71 )
كل حس من الحواس الظاهرة يتأثر عن المحسوس مثل كيفيته فإن كان المحسوس قويا خلف فيه صورته وإن زال كالبصر إذا حدق الشمس تمثل فيه شبح الشمس فإذا أعرض عن جرم الشمس بقى فيه ذلك الأثر زمانا ص 77
البصر مرآة يتشبح فيها خيال المبصر مادام يحاذيه فإذا زال ولم يكن قويا انسلخ ص 77
إن وراء المشاعر الظاهرة شركا وحبائل لاصطياد ما يقتنصه الحس من الصورة ومن ذلك قوة تسمى " مصورة " وقد رتبت في مقدم الدماغ وهي التي تستثبت صور المحسوسات بعد زوالها عن مسامتة الحواس أو ملاقاتها فتزول عن الحس وتبقى فيها . وقوة تسمى " وهما" وهي التي تدرك من المحسوس ما لا يحس ، مثل القوة التي في الشاة إذا تشبح صورة الذب في حاسة الشاة فتشبحت عدواته ورداءته فيه إذكانت الحساة لا تدرك ذلك . وقوة تسمى " حافظة " وهي خزانة ما يدركه الوهم ، كما أن " المصورة " خزانة ما يدركه الحس . وقوة تسمى " المفكرة " وهي التي تتسلط على الودائع في خزانتي " المصورة " و " الحافظة " فتخلط بعضها ببعض وتفصل بعضها عن بعض ، وإنما تسمى " مفكرة " إذا استعملها روح الإنسان والعقل ، فإن استعملها الوهم سميت " متخيلة " ص 79


 
إن قوى روح الإنسان تنقسم إلى قسمين : قسم موكل بالعمل ، وقسم موكل بالإدراك . والعمل ثلاثة أقسام : نباتي وحيواني وانساني . والادراك قسمان : حيواني وانساني ( الفارابي ، 1396 ، 74 )
 




القلب
فالغاذية الرئيسيسة شبه المادة للقوة الحاسة الرئيسية ، والحاسة صورة في الغاذية ، والحاسة الرئيسية شبه مادة للمتخيلة ، والمتخيلة صورة في الحاسة الرئيسية ، والمتخيلة الرئيسية مادة للناطقة الرئيسية والناطقة صورة في المتخيلة ، وليست مادة لقوى أخرى فهي صوة لكل صورة تقدمها





القلب :
ويشير الفارابي إلى أن القلب هو العضو الرئيسي في البدن ويليه الدماغ الذي يخدم سائر الأعضاء فالقلب ينبوع الحرارة الغريزية وفيه الحرارة قوية مفرطة ويعمل الدماغ في تعديل الحرارة التي من شانها أن تنفذ من القلب إلى أعضاء البدن المختلفة وذلك حتى لا يصل إلى كل عضو إلا ما يحتاج إليه من تلك الحرارة وفي الدماغ اتصالات بالأعصاب حيث توجد مغارز سائر الأعصاب في النخاع والنخاع متصل من أعلاه بالدماغ والدماغ هو الذي يرفد أعصاب الحركة الإرادية ، حيث تنفذ تلك الأعصاب ما يريده القلب من الحركات الإرادية .
هو العضو الرئيس الذي لا يرأسه من البدن عضو آخر
القلب ينبوع الحرارة الغريزية فمنه تنبث في سائر الاعضاء ومنه تسترفد وذلك بما ينبث فيها عنه من الروح الحيواني الغريزي في العروق الضوارب .
" كما أن العضو الرئيس في البدن هو بالطبع أكمل أعضائه وأتمها في نفسها وفيما يخصه وله من كل ما يشارك فيه عضوا آخر أفضلها.ودونه أيضا اعضاء آخرى رئيسية لما دونها ورياستها دون رياسة الأول وهي تحت ريا سة الأول ترُأس وتَرأس "
العضو الرئيسي هنا هو القلب ويعني الفارابي هنا أن القلب في البدن يفوق بقية الأعضاء كمالا وتماما فهما أكملها فيما يختص به من الوظائف والاعمال التي لا يشاركه فيها غيره من الأعضاء كدفع الدم إلى الجسم ..
" كما أن القلب يتكون أولا ثم يكون هو السبب في أن يكون سائر أعضاء  البدن والسبب في أن تحصل لها قواها وأن تترتب مراتبها فإذا أختل فيها عضو كان هو المرفد بما يزيل عنه ذلك الإختلال ، كذلك رئيس هذه المدينة : ينبغي أن يكون هو أولا، ثم يكون هو السبب في أن تحصل المدينة وأجزاؤها والسبب في أن تحصل الملكات الإرادية التي لأجزائها وفي ان تترتب مراتبها ، وأن اختل منها جزء كان هو المرفد له بما يزيل عنه اختلاله "
فهنا يعني الفارابي بأن القلب هو سبب حياة الجسم فهو يمد جميع الأعضاء بالدم مما يساعدها على النمو والتكون ولهذا السبب فهو يتكون أولا ومن بعده تتبكون جميع الأعضاء فإذا اعتل عضو من هذه الأعضء أو اختلت وظيفته فإن القلب هو الذي يعينه ويساعد في توقف الخلل..فهو بذلك يضع ان صفات القلب هي صفات الرئيس فهو يوجد أولا ثم توجد بوجوده المدينة وأفرادها فالمدينة من قبل الرئيس تكون أشتاتا ومتفرقة فهو يلمها ويضعها تحت لوائه ويجعلها ذات وحده واحدة وإذا أختل فرد من الأفراد وخرج عن حدوده فالرئيس يعيده إلى الوضع الذي كان عليه ويعيده إلى مكانته الأولى ..

العقل :
ولعل موضوع العقل يعتبر من اهم المواضيع التي شغلت تفكير الفارابي وقد وضح ذلك في كتابه الشهير وهي رسالة مشهورة باسم رسالة العقل وقد ميز في العقل إلى أربع مراتب :

1-  العقل الهيولاني  : هي القوة التي يكون بها الإدراك والفهم والتفكير وهي التي يمكن " يمكن بها أن تعقل المعقولات ويميز بين الجميل والقبيح وبما يحوز الإنسان الصناعات والعلوم " وهذه هي الصفة التي يمتاز بها الإنسان عن الحيوان وقد سمى أيضا العقل بالقوة وهو قوة النفس تستمد لانتزاع ما هيات الأمور كلها .. ويمكن تفسير هذا على ان هذا العقل هو استعداد في الإنسان لقبول صور المعقولات أي إدراك المعقولات فهذا العقل أشبه بالصفحة البيضاء بم تكتب بها شئ فهي عقل بالقوة
  
2-  العقل بالملكة   :ويسمى العقل بالفعل  هو القوة القابلة لتلقى المعقولات والانفعال بها وهو النفس الناطقة ذاتها إذا نظر إليها من ناحية أنها تتلقى المعقول وتنفعل به .. والمقصود أنه نفي العقل السابق حين تحصل فيه المعقولات بالفعل عن طريق اتحاده بالصور العقلية الموجودة في الأشياء فتنتقل من كونها ما يمكن ادراكه إلى كونها مدركة .وهي مرتبة أعلى من العقل بالقوة
3-  العقل المستفاد: وهو العقل بالفعل الذي عقل المعقولات المجردة وصار قادرا على إدراك الصور المفارقة والفرق بين المعقولات المجردة والصور المفارقة أن الأولى كانت في مواد وانتزعت منها أما الثانية فهي دائما مفارقة .والمعنى أن العقل يصبح قادرا على إدراك المعقولات المجردة
وهذا العقل نوع من العقل الفعال لانه يبلغ مرتبة يستطيع معها أن يتلقى المعقولات مباشرات من العقل الفعال ويصبح بغنى عن المادة وجينئذ لا يكون بينه وبين العقل الفعال شئ آخر .
4-  العقل الفعال وهو صورة مفارقة لم تكن في مادة ولا تكون أصلا ويسميه أحيانا الروح الأمين كما يسمى العقول بالملائكة والأفلاك وهذا العقل شبيه بالعقل المستفاد ولكنه خارج عن النفس في فلك القمر يشبه المس التي تخرج الألوان من القوة إلى الفعل .

ولافاربي يقول بأن العقل الفعال يشرق دائما وينير العالم بالحقائق فتتلقاها النفس الصافية المخيلة لتعبر عنها بلغة بشرية تجعلها في متناول حواس الآخرين ومخيلتهم حيث يوجد صدى قليل لهذه الحقائق
ويستطيع الفيلوسوف وحده بفضل المنطق والتأمل العقلي أن يرتقي حتى مصدر هذه الحقائق ..

وعلى هذا نلاحظ أن العقل الإنساني عند الفارابي على ثلاث درجات : أدناها مرتبة العقل المادي أو بالقوة وهو كالمادة بالنسبة إلى العقل بالفعل ويأتي العقل بالفعل في المرتبة الثانية وهو كالصورة بالنسبة إلى العقل الهيولاني وكالمادة بالنسبة إلى العقل المستفاد أما العقل المستفاد فهو أعلى هذه العقول مرتبة وهو كالصورة بالنسبة إلى العقل بالفعل وكالمادة بالنسبة إلى عقل آخر ليس بإنساني هو العقل الفعال .وخلاصة ما سبق تعني أن الإنسان حين يولد يكون عنده عقل بالقوة وحين يأخذ في التعلم وتزداد الخبرات لديه يصبح لديه ما يسمى العقل بالفعل .. فإذا ما أجهد الإنسان في التفكير وواصل الليل بالنهار في البحث ن وتعمق في مسائل ما وراء الطبيعة استشرف إلى الملأ الأعلى واتصل به فأصبح لديه العقل المستفاد وهو عقل نشأ من التأمل وبهذا العقل يدرك الإنسان ما وراء الطبيعة وأسرار الكون وما يخفى على الآخرون والذين يصلون لهذه المرتبة طائفتان هما :
1-    الفلاسفة بالبحث وإعمال العقل .
2-    الأنبياء بالمخيلة القوية .
ولهذا هذه المرحلة هي أسمى مرحلة يصل إليها البشر .
فالمرء لا يستطيع الإنتقال إلى العقل الفعال دفعة واحدة بل يجب أن يمر بالعقول السابقة كلها ..

أكمل المراتب التي يبلغها الإنسان
إن القوة المتخيلة إذا كانت في إنسان ما قوية كاملة جدا وكانت المحسوسات الواردة عليها من خارج لا تستولي عليها استيلاء يستغرقها بأسرها ، ولا أخد منها للقوة الناطقة ، بل كان  فيها اشتغالها بهذين فضل كبير "
وهذا يعني أنه عندما يبلغ الإنسان هذه المرحلة العقلية فإنه يكون على قدر كبير من الفهعم والمعرفة .






القول في سبب المنامات :
"والقوة المتخيلة متوسطة  بين الحاسة وبين الناطقة وعندما تكون وواضع الحاسة كلها تحس بالفعل وتفعل أفعالها تكون القوة المتخيلة منفعلة عنها مشغولة بما تورده الحواس عليها من المحسوسات وترسمه فيها وتكون أيضا مشغولة بخدمة القوة الناطقة "[1]  
وهو يعتمد هنا على تقسيمه للقوى النفسية وإتصالها بالعقل الفعال لان القوة الغاذية تخدم الدن والقوة الحاسة تخدم الحواس والمخيلة والمخيلة هنا تلعب دورا هاما في تفسير الأحلام
والمخيلة هنا تلعب دورا هاما فعلى الرغم من أنها تحتفظ بالصور إلا أنها تمتلك القدرة على الإبتكار والتجديدوأحوال النائم العضوية والنفسية تؤثر في مناماته ولقد أتى الفارابي بما أتى به العلم الحديث وهي فكرة الرمزية في الحلم فهو يشير بقوله " القوة المتخيلة تقبل المعقولات بما يحاكيها من المحسوسات وتقبل المحسوسات أحيانا بأن تتخليها كما هي وأحيانا تحاكيها بمحسوسات أخرى وعملية الإبدال من المعقولات إلى المحسوسات أو من محسوسات إلى محسوسات أخرى لا تختلف كثيرا عن فكرة الرمزية التي قال بها فرويد وإن كانت المحسوسات والمعقولات تشير إلى العقل الباطن والواعي التي أشار بها فرويد بان الأحلام بها تحقيق لرغبات في الماضي فالفارابي يتجاوز ذلك والأحلام لديه تتعلق بالمتقبل والرؤيا والنبؤات .


الوحي والإلهام
إن كانت القوة المتخيلة في إنسان ما قوية جدا وكانت غير مشغولة بالمحسوسات الواردة إليها من الحواس ولا بخدمة القوة الناطقة فإنها تستطيع أن تتخيل الأشياء التي يعطيها العقل الفعال بما يحاكيها من المحسوسات المرئية ، ثم تقوم برسم هذه المحسوسات في القوة الحساة فإذا حصل واشتركت هذه الرسوم يتأثر البصر بها وهكذا صبح الأشياء التي أعطاها العقل الفعال محسوسات مرئية لهذا الإنسان
والفاربي يقول بالفروق الفردية قال بعض يرى في اليقظة والآخر يرى في المنام .
الوحي
يفرق الفاربي بين الحلات التي تتقبل فيها المتخيلة عن العقل الفعال ، والحالات المرضية التي يفسد فيها مزاج الإنسان ويفسد تخيله ، فيرى أشياء مما تركبه القوة المتخيلة مما ليس لها وجود ، ولا هي محاكاة لموجودات بالفعل . وهذا ما يشاهد كما يقول الفاربي بين المجانين وأشباههم من المرضى العقلين وهكذا يفرق الفاربي بين الوحي والهلوسة على أساس أن الوحي هو تقبل المتخيلة من العقل الفعال أشياء لها وجود بالفعل وحاكاتها بما يناسبها من محسوسات ، بينما الهلوسة هي تخيل أمور ليس لها وجود بالفعل وولا هي محاكاة لأمور موجودة بالفعل وهذ يتفق مع تعريف علماء النفس المحدثين للهلوسة .



الفرق بين الإرادة والاخيار وفي السعادة :
" عندما تحصل هذه المعقولات للإنسان يحدث له بالطبع تأمل وروية وذكر وتشوق إلى الاستنباط ونزوع إلى ما بعض ما عقله وشوق إليه وإلى بعض ما يستنبطه أو كراهته والنزوع إلى ما أدركه بالجملة هو الإرادة فإن كان ذلك عن احساس او تخيل تسمى بالإسم العام وهو الإرادة وأن كان ذلك عن رؤية أو عن نطق في الجملة سمى الإختيار وهذا يوجد في الإنسان خصوصا . والسعادة هي أن تصير نفس الإنسان من الكمال في الوجود "[2]
فالسعادة لدى الفارابي خير وغاية في الكمال وهي أسمى الخيرات فبقر سعي الإنسان إلى بلوغ الخير لذاته تكون السعادة

ولقد أشار الفاربي إلى السبل التي ينبغي أن يسلكها الإنسان حتى تتحقق له السعادة والكمال هو الغاية الأصلية التي يتشوقها الإنسان في تطلعه نحو حياة أكثر سعادة وسلامة .
المدينة الفاضلة
" وكل واحد من الناس مفطور على أنه محتاج في قوامه وفي أن يبلغ أفضل كمالاته إلى أشياء كثيرة لا يمكنه أن يقوم بها كلها وحده ، بل يحتاج إلى قوم يقوم له كل واحد منهم بشئ مما يحتاج إليه وكل واحد من كل واحد بهذه الحالة "
فالفاربي يقر على أن الإنسان  مدني بطبعه أي إنسان إجتماعي ومن هنا نجد أن المدينة التي تتحقق بها السعادة هي المدينة الفاضلة
" والمدينة الفالضلة تشبه البدن الصحيح الذي تتعاون أعضاؤه كلها على تتميم حياة الحيوان ، وعلى حفظها عليه وكما أن البدن أعضاؤه مختلفة متفاضلة الفطرة والقوى ، فيها عضو واحد رئيس هو القلب وأعضاء تقرب مراتبها من ذلك الرئيس وكل واحد منها جعلت فيه بالطبع قوة يفعل بها فعله ... "

صفات الرئيس :
وصفات الرئيس التي وردت في المدينة الفاضلة ند أن الفارابي جعل ترتب وظائف المدينة تترتب بنفس وظائف أعضاء الجسم فنجد الرئيس يشبه القلب وهو العضو الرئيسي في الجسم وهو يسمو إلى درجة العقل الفعال وهو مصدر النظام ..
" لا يمكن أن تصير هذه الحال إلا لمن ااجتمعت فيه بالطبع اثنتا عشرة خصلة قد فطر عليها "
ويقصد هنا الفاربي بان القائد يولد مفطورا بهذه الصفات ويولد بالفعل من يحمل في قلبه صفات القائد وهذه الصفات هي ما يلي :
" أحدها أن يكون تام الأعضاء ، قواها مواتية أعضاءها على الأعمال التي شانها أن تكون بها ومتى هم عضو من أعضائها بعمل يكون به أتى  عليه بسهولة "
وهذه صفات متعلقة بالجسم فيكون تام الأعضاء وقوي وممتلئ بالصحة
" ثم أن يكون بالطبع جيد الغهم والتصور لكل ما يقال له ويتلقاه بفهمه على ما يقصده القائل وعلى حسب الأمر نفسه " " ثم أن يكون جيد الفطنة ذكيا إذا رأى الشئ بأدنى دليل فطن له على الجهى التي دل عليه الدليل " " ثم أن يكون جيد الحفظ لما يفهمه ، ولما يراه ، ولما يسمعه ، ولما يدركه في الجملة ، فلا يكاد ينساه "
وهذه الصفات فيما يتعلق بالعقل فالقائد يجب أن يتسم يتصف عقله بثلا ث صفات وهي جودة الفهم ، جودة الحفظ ، جودة الفطنة و الذكاء ..
" ثم ان يكون حسن العبارة يؤاتيه لسانه على إبانة كل ما يضمره إبانة تامة "
وهذا يعني به أن يكون حسن التعبير وله بلاغة في لسانه ..
" ثم أن يكون محبا للعلم والاستفادة منقادا له سهل القبول لا يؤلمه تعب التعلم ولا يؤذيه الكد الذي ينال منه "
وهذه الصفة هي أن يكون محبا للعلم ويكون سائرا خلفه للاستفادة منه فلا ييأس ..
" ثم أن يكون غير شره على المأكول والمشروب والمنكوح متجنبا بالطبع للعب مبغضا للذات الكائنة عن هذه "
" ثم أن يكون محبا للصدق وأهله مبغضا للكذب وأهله "
" ثم أن يكون كبير النفس محبا للكرامة تكبر نفسه بالطبع عن كل ما يشين من الأمور وتسمو نفسه بالطبع إلى الأرفع منه "
" ثم أن يكون الدرهم والدينار وسائر أعراض الدنيا هينة عنده "
" ثم أن يكون بالطبع محبا للعدل وأهله مبغضا للجور والظلم وأهلهما يعطي النصف من أهله ومن غيره ويحث عليه ويؤتي من حل به الجور مواتيا لكل ما يراه حسنا وجميلا ويكون عدلا غير صعب القياد ولا جموحا ولا لجوجا إذا دعي إلى العدل بل صعب القياد إذا دعي إلى الجور وإلى القبيح "
" ثم أن يكون قوى العزيمة على الشئ الذي يرى أنه ينبغي أن يفعل ، جسورا عليه ، مقداما غير خائف ولا ضعيف النفس "
وهذه الست صفات التي تتعلق بالأخلاق فقد ذكر الفارابي :
-        أن لا يكون مسرفا مقبلا على اللهو وضياع الوقت في اللذائذ
-        أن يكون صدوقا ينفر من الكذب
-        أن يكون كريما مترفعا عن الامور الدنيئة .
-        أن يكون محبا للعدل وكارها للبغض والجور والظلم
-        أن يكون قوى العزيمة .. جسورا مقداما
-        أن يكون زاهدا غير نهما لمذات الحياة ..
وهذه الصفات الفطرية التي يرى الفرابي أنها يجب ان تكون في الرئيس واجتماعها من غير شك في إنسان واحد نادر ..

العلاقة بين آراء العلماء والفارابي



ومن هنا نستطيع أن نجيب على التساؤلات وتوضيحها كلها ..
فلا ريب أننا أستطعنا بسهولة ملاحظة المصطلحات والألفاظ التي عرفناها في علم النفس بل وبعضها الأفكار التي أثبتت حديثا ..
تحدث الفارابي في حديثه عن النفس وقواها عن الحواس الخمسة

ونستطيع هنا بسهولة ان نلاحظ مفاهيم تدرس في علم النفس كالحواس الخمس والإدراك والذاكرة التي تحفظ الاشياء ويسميها الفارابي كما لاحظنا بالقوة المتخيلة  والحب والكره .. وكذلك نلاحظ أنه أشار إلى ان الدماغ مركز الفكر والحفظ والذكر ولقد أشار كما لاحظنا إلى مركز الحرارة الغريزيةفي القلب ومفهوم الغريزة انتشر استخدامه في علم النفس لفترة طويلة ..
ولاحظنا كف ان الفاربي قسم القوة الناطقة إلى نظرية وعملية ونحن نعلم أن علماء النفس يقسمون الذكاء إلى لفظي وآدائي
والعقل يعني به قوة النفس التي يحصل للإنسان اليقين بالمعتقدات الكلية الصادقة الضرورية بالفطرة وهو وسيلة النفس في تحقيق المعرفة ونلاحظ إستخدام الفارابي لكلمة النفس التي إضيفت لعلم فأصبحت علم النفس .. ووهو يرى أن العقل هو السبيل لتحصيل المعرفة ومفهوم المعرفة أصبح في حد ذاته أحد الموضوعات أو التخصصات الدقيقي التي تدرس في علم النفس وهو علم النفس المعرفي
والعقل بالقوة هو ما نسميه الآن الاستعداد الطبيعي عند الإنسان لتقبل المعقولات أو لتقبل المعرفة العقلية .
ونلاحظ أن مراحل العقل أمور يدرسها علم النفس حاليا بعهد أن قدمها بياجيه
ونجد أن نعرف لبعض مراكز بعض الوظائف فهو يرى أن الدماغ مركز التفكير والحفظ والذكر وهذا نجده في علم النفس العصبي
وموضوع الحرارة الغريزية في القلب ظل مستخدما كثيرا إلا أنه استبدل مؤخرا بالدوافع والقوة الناطقة التي هي العقل لدى الفاربي
فنجد أنه قسم القوة  الناطقة إلى نظرية وعملية وعلم النفس نلاحظ أنه قسم الذكاء إلى ذكاء لفظي وآدائي
وتحدث الفاربي كثيرا عن الإحساس والتخيل
وأثبت الفارابي كيف ان القوة المتخيلة تصبح متحررة فترجع إلى الأثار وتركبها والمتخيلة تصبح متحررة فنرجع إلى الآثار وتركبها والمتخيلة




 نلاحظ أن الفاربي حاول التوفيق بين آراء أفلاطون في السياسة وبين مسلمات الوحي والرسالة الإسلامية ..












































[1] الفارابي ، آراء أهل المدينة الفاضلة ، ص 63
[2]الفارابي ، آراء أهل المدينة الفاضلة ، ص62 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق